عُرفت دبي منذ بداياتها بالبنايات الفخمة و الأبراج الشاهقة، وكانت ولاتزال رمزًا للغنى والترف والأملاك العقارية ذات الأسعار المرتفعة والمساكن باهظة الثمن. بالرغم من ذلك فإن طبيعة المجتمع في إمارة دبي و تشكيلة ساكنتها التي تضم أكثر من 60 في المائة من الطبقات المتوسطة الدخل جعلت سوق العقارات يسلك منحى آخر ويتبنى استراتيجية مغايرة. أهم معالم هذه المقاربة الجديدة تجلت في تشجيع مشاريع ما أصبح يطلق عليه إسم السكن المُيسّر في دبي. سكن موجه بالأساس للأسر و العائلات ذات الدخل المتوسط الذين يحصلون على رواتب شهرية تتراوح بين 9 و15 ألف درهم كحد أقصى، والذين بإمكانهم دفع إيجارات بين 32 و54 ألف درهم لا غير سنوياً. هذه الفئة تشكل نسبة تفوق 50% في مجتمع دبي، وتسعى إلى امتلاك عقار سكني في مناطق تستعصي عليها حاليا نظرا لارتفاع أسعار إيجاراتها و أثمان البيع على حد سواء.
السكن المُيسّر في دبي: ظرفية اقتصادية ملائمة
بالتوازي مع انخفاض أسعار النفط و مواد البناء التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها خلال السنة الجارية، يظهر بأن الظروف ملائمة لطرح خيار السكن المُيسّر في دبي. فأسعار الصلب مثلا انخفضت بنسبة 30% و تبعتها أثمنة مواد بناء أخرى كالإسمنت و البلاستيك. هذه التغيرات على مستوى الأسعار تجعل الفرصة سانحة أكثر من أي وقت سابق لإنشاء مشاريع السكن المُيسّر في دبي والاستجابة لطلبات الفئات متوسطة الدخل بالإمارة. بلدية دبي أيضا فطنت لهذه التحولات في مناخ الاستثمار وعجلت بطرح مشروع قانون يلزم المطورين العقاريين بتوفير حصص بأسعار معقولة ضمن المشاريع العقارية السكنية الجديدة. مقابل ذلك، يعزو هؤلاء المستثمرون إحجامهم عن بناء مثل هذه المساكن منخفضة الكلفة إلى ارتفاع أسعار الأراضي في دبي وزيادة تكاليف إنشاء البنية التحتية اللازمة مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي، وأيضا لعدم الاعتماد كثيرا على تقنيات البناء الجاهزة.
[youtube http://www.youtube.com/watch?v=FeU-oySxejI]
السكن المُيسّر في دبي وسيلة لخلق مجتمع متجانس
بطبيعة الحال يختلف تعريف السكن المُيسّر من بلد لآخر، حيث تختلف مستويات المعيشة والقدرة الشرائية. بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، وتحديدا دبي ثمن بيت مصنف ضمن السكن المُيسّر يتراوح بين 700 و 790 ألف درهم، وسعر إيجاره لا يتعدى 72 ألف درهم في السنة. لذا فإن الشركات العقارية الكبرى تختار في الغالب الاستثمار في بناء وحدات سكنية بأثمنة أعلى تدر عليها عوائد مالية أكبر، ولكن خيار السكن المُيسّر في دبي يظلّ خيار المستقبل. ففكرة توفير المساكن بأسعار معقولة ليست وليدة اللحظة الراهنة، بل كانت تطبق في مدن عالمية كبيرة مثل لندن و باريس و ساهمت في خلق نسيج مجتمعي متجانس غير متنافر حيث تتعايش الطبقات المجتمعية المختلفة في نفس المناطق السكنية و تقتسم نفس الأحياء رغم تباين العقارات السكنية التي تمتلكها.
